فَلَا بُد أَن ينظر فِي " الخوارق " فِي أَسبَابهَا وغاياتها: من أَيْن حصلت وَإِلَى مَاذَا أوصلت - كَمَا ينظر فِي الْأَمْوَال فِي مستخرجها ومصروفها - وَمن استعملها - أَعنِي الخوارق - فِي إِرَادَته الطبيعية كَانَ مذموما.
وَمن كَانَ خَالِيا عَن الإرادتين الطبيعية والشرعية فَهَذَا حَسبه أَن يُعْفَى عَنهُ لكَونه لم يعرف الْإِرَادَة الشَّرْعِيَّة. وَأما إِن عرفهَا وَأعْرض عَنْهَا فَإِنَّهُ يكون مذموما مُسْتَحقّا للعقاب إِن لم يعف عَنهُ وَهُوَ يمدح بِكَوْن إِرَادَته لَيست بهواه؛ لَكِن يجب مَعَ ذَلِك أَن تكون مُوَافقَة لأمر الله وَرَسُوله لَا يَكْفِيهِ أَن تكون لَا من هَذَا وَلَا من هَذَا مَعَ أَنه لَا يُمكن خلوه عَن الْإِرَادَة مُطلقًا بل لَا بُد لَهُ من إِرَادَة فَإِن لم يرد مَا يُحِبهُ الله وَرَسُوله أَرَادَ مَا لَا يُحِبهُ الله وَرَسُوله؛ لَكِن إِذا جَاهد نَفسه على ترك مَا يهواه بَقِي مرِيدا لما يظنّ أَنه مَأْمُور بِهِ فَيكون ضَالًّا.
فَإِن هَذَا يشبه حَال الضَّالّين من النَّصَارَى. وَقد قَالَ تَعَالَى: {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " {الْيَهُود مغضوب عَلَيْهِم وَالنَّصَارَى ضالون} ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute