وعلى مذاق المسيحيين قد يبقى خفياً على الأنبياء فضلاً عن العلماء بل قد يبقى خفياً على النبي المخبر عنه على زعمهم في الباب الأول من إنجيل يوحنا هكذا: ١٩ (وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت) ٢٠ (فاعترف ولم ينكروا قرأني لست أنا المسيح) ٢١ (فسألوه ماذا إذاً أنت، إيلياء؟ فقال لست أنا إيلياء فسألوه أنت النبي فأجاب لا) ٢٢ (فقالوا له من أنت لنعطي جواباً للذين أرسلونا ماذا تقول عن نفسك) ٢٣ (قال أنا صوت صارخ في البرية قوّموا طريق الرب كما قال أشعيا النبي) ٢٤ (وكان المرسلون من الفريسيين) ٢٥ (فسألوه وقالوا له فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي) .
والألف واللام في لفظ النبي الواقع في الآية ٢١ و ٢٥ للعهد، والمراد النبي المعهود الذي أخبر عنه موسى عليه السلام في الباب الثامن عشر من سفر الاستثناء على ما صرح به العلماء المسيحية، فالكهنة واللاويون كانوا من علماء اليهود وواقفين على كتبهم وعرفوا أيضاً أن يحيى عليه السلام نبي، لكنهم شكوا في أنه المسيح عليه السلام أو إيلياء عليه السلام أو النبي المعهود الذي أخبر عنه موسى عليه السلام، فظهر منه أن علامات هؤلاء الأنبياء الثلاثة لم تكن مصرحة في كتبهم بحيث لا يبقى الاشتباه للخواص فضلاً عن العوام فلذلك سألوا أولاً أنت المسيح فبعد ما أنكر يحيى عليه السلام عن كونه مسيحاً سألوه أنت إيلياء فبعد ما أنكر عن كونه إيلياء أيضاً سألوه أنت النبي المعهود.