العلامات مصرحة لما كان للشك محل بل ظهر منه أن يحيى عليه السلام لم يعرف نفسه أنه إيلياء حتى أنكر، فقال لست أنا وقد شهد عيسى أنه إيلياء في الباب الحادي عشر من إنجيل متى. قول عيسى عليه السلام في حق يحيى عليه السلام هكذا:(وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيلياء المزمع أن يأتي) وفي الباب السابع عشر من إنجيل متى هكذا: ١٠ (وسأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة أن إيلياء ينبغي أن يأتي أولاً) ١١ (فأجاب يسوع وقال لهم أن إيلياء يأتي أولاً ويرد كل شيء) ١٢ (ولكني أقول لكم أن إيلياء قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا، كذلك ابن الإنسان أيضاً سوف يتألم منهم) ١٣ (حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان) . وظهر من العبارة الأخيرة أن علماء اليهود لم يعرفوه بأنه إيلياء وفعلوا به ما فعلوا وأن الحواريين أيضاً لم يعرفوه بأنه إيلياء مع أنهم كانوا أنبياء في زعم المسيحيين وأعظم رتبة من موسى عليه السلام وكانوا اعتمدوا من يحيى ورأوه مراراً، وكان مجيئه ضرورياً قبل إلههم ومسيحهم.
وفي الآية ٣٣ من الباب الأول من إنجيل يوحنا قول يحيى هكذا:(وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس) ومعنى قوله: (وأنا لم أكن أعرفه) على زعم القسيسين أنا لم أكن أعرفه معرفة جيدة بأنه المسيح الموعود، فعلم أن يحيى عليه السلام ما كان يعرف عيسى عليه السلام معرفة يقينية بأنه المسيح الموعود به إلى ثلاثين سنة ما لم ينزل الروح القدس، لعل كون ولادة المسيح من العذراء لم يكن من العلامات المختصة بالمسيح،