وقال أيضاً:(اسم ((السنة)) و ((الشريعة)) قد يكون في العقائد والأقوال، وقد يكون في المقاصد والأفعال؛ فالأولى في طريقة العلم والكلام، والثانية في طريقة الحال والسماع، وقد تكون في طريقة العبادات الظاهرة والسياسات السلطانية؛ فالمتكلمة جعلوا بإزاء الشرعيات العقليات أو الكلاميات، والمتصوفة جعلوا بإزائها الذوقيات والحقائق، والمتفلسفة جعلوا بإزاء الشريعة الفلسفة، والملوك جعلوا بإزاء الشريعة السياسة، وأما الفقهاء والعامة؛ فيخرجون عما هو عندهم من الشريعة إلى بعض هذه الأمور، أو يجعلون بإزائها العادة أو المذهب أو الرأي.
والتحقيق أن الشريعة التي بعث الله بها محمداً - صلى الله عليه وسلم - جامعة لمصالح الدنيا والآخرة، وهذه الأشياء ما خالف الشريعة منها فهو باطل، وما وافقها منها فهو حق؛ لكن قد يغير أيضاً لفظ الشريعة عند أكثر الناس؛ فالملوك والعامة عندهم أن الشرع والشريعة اسم لحكم الحاكم، ومعلوم أن القضاء فرع من فروع الشريعة، وإلا؛ فالشريعة جامعة لكل ولاية وعمل فيه صلاح الدين والدنيا، والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه سلف الأمة في العقائد والأحوال والعبادات والأعمال والسياسات والأحكام والولايات والعطيات.
ثم هي مستعملة في كلام الناس على ثلاثة أنحاء: شرع منزل؛ وهو ما شرعه الله ورسوله، وشرع متأول؛ وهو ما ساغ فيه الاجتهاد، وشرع مُبَدَّل؛ وهو ما كان من الكذب والفجور الذي يفعله المبطلون بظاهر من الشرع أو البدع أو الضلال الذي يضيفه الضالون إلى الشرع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وبما ذكرته في مسمى الشريعة والحكم الشرعي والعلم الشرعي يتبين أنه ليس للإنسان أن يخرج عن الشريعة في شيء من أموره، بل كلما يصلح