للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلكَ تُنَبِّهُ العارفَ بهذا الشأنِ على إرسالٍ في الموصولِ، أو وَقْفٍ في المرفوعِ، أو دُخُولِ حديثٍ في حديثٍ، أو وَهَمِ واهِمٍ بغيرِ ذلكَ بحيثُ يَغْلِبُ على ظنِّهِ ذلكَ، فيَحْكُمُ بهِ أو يتردَّدُ فيَتَوَقَّفُ فيهِ، وكلُّ ذلكَ مانعٌ مِنَ الحكمِ بصحَّةِ ما وُجِدَ ذلكَ فيهِ.

وكثيراً ما يُعَلِّلُونَ الموصولَ بالمرسلِ، مثلُ أنْ يجيءَ الحديثُ بإسنادٍ موصولٍ، ويجيءَ أيضاً بإسنادٍ منقطِعٍ أقوى مِنْ إسنادِ الموصولِ (١)، ولهذا اشتَمَلَتْ كُتُبُ عِلَلِ الحديثِ على جَمْعِ (٢) طُرُقِهِ. قالَ الخطيبُ أبو بكرٍ: ((السبيلُ إلى معرفةِ عِلَّةِ الحديثِ: أنْ يُجْمَعَ بينَ طُرُقِهِ، ويُنْظَرَ في اختلافِ رُوَاتِهِ، ويُعْتَبَرَ بمكانِهِمْ (٣) مِنَ الحِفْظِ، ومنزلتِهِم في الإتقانِ والضبطِ)) (٤)، ورُوِيَ عَنْ عليِّ بنِ المدينيِّ قالَ: ((البابُ إذا لَمْ تُجْمَعْ (٥) طرقُهُ لَمْ يُتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ)) (٦).

ثُمَّ قدْ تقعُ العِلَّةُ في إسنادِ الحديثِ - وهو الأكثرُ -، وقدْ تقعُ في متنِهِ (٧)، ثُمَّ ما يقعُ في الإسنادِ قدْ يقدحُ في صحَّةِ الإسنادِ والمتنِ جميعاً، كما في التعليلِ بالإرسالِ والوقْفِ، وقدْ يَقدحُ في صِحَّةِ الإسنادِ خاصَّةً من غيرِ قَدْحٍ في صِحَّةِ المتنِ.


= قلنا: أشار الزركشي هنا إلى أن كثيراً من تعليلات المحدّثين لا تمشي على قواعد الفقهاء، وقد سبقه إلى نحوه العلاّمة ابن دقيق العيد في الاقتراح: ١٥٤، فقال: ((كثير من العلل التي يعلل بها المحدّثون الحديث لا تجري على أصول الفقهاء)).
(١) ((ليس هذا من قبيل المعلول على اصطلاحه - وإن كانت علة في الجملة - إذ المعلول على اصطلاحه مقيد بالخفاء، والإرسال أو الانقطاع ليست علتها خفية)). نكت ابن حجر ٢/ ٧٤٥.
(٢) في (جـ) و (م): ((جميع)).
(٣) في (أ): ((مكانهم)).
(٤) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ٢/ ٢٩٥.
(٥) في (ب) و (جـ): ((يجمع)).
(٦) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢١٢.
وفيه أيضاً: عن الإمام أحمد بن حنبل: ((الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسّر بعضه بعضاً))، وقال ولد المصنف في طرح التثريب ٧/ ١٨١: ((والحديث إذا جمعت طرقه تبين المراد منه، وليس لنا أن نتمسك برواية ونترك بقية الروايات)).
(٧) إذا وقعت العلة في الإسناد قد تقدح وقد لا تقدح، وإذا قدحت فقد تخصّه وقد تستلزم القدح في المتن. وكذا القول في المتن، فالأقسام على هذا ستة)). نكت ابن حجر ٢/ ٧٤٦. ومن ثم مثّل لكل قسم.

<<  <   >  >>