للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَتَّى يُعْرَفَ، بَلْ إضْرَابُهُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ مُرِيْبٌ يُوقِعُ في القلوبِ فيهِ تَرَدُّداً؛ فإنْ كَانَ القائِلُ لذَلِكَ عَالِماً أجْزَأَ ذَلِكَ في حَقِّ مَنْ يُوَافقُهُ في مَذْهبِهِ، عَلَى ما اخْتارَهُ بَعضُ المحقِّقِينَ (١).

وذَكَرَ الخطيبُ الحافِظُ (٢) أنَّ العَالِمَ إذا قالَ: ((كُلُّ مَنْ رَوَيْتُ عنهُ فهوَ ثِقَةٌ وإنْ لَمْ أُسَمِّهِ))، ثُمَّ رَوَى عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّهِ (٣)، فَإنَّهُ يَكُونُ مُزَكِّياً لهُ، غيرَ أنَّا لاَ نَعْملُ بتَزْكِيَتِهِ هذهِ، وهذا عَلَى مَا قَدَّمناهُ، واللهُ أعلمُ.

السابِعَةُ: إذا رَوَى العَدْلُ عَنْ رَجُلٍ وسَمَّاهُ، لَمْ تُجْعَلْ (٤) رِوايتُهُ عَنهُ تَعْدِيلاً منهُ لهُ عِندَ أكثَرِ العلمَاءِ مِنْ أهلِ الحديثِ وغيرِهِمْ (٥).

وقالَ بَعضُ أهلِ الحديثِ، وبعضُ أصحابِ الشَّافِعِيِّ: يُجْعَلُ (٦) ذَلِكَ تَعْدِيْلاً منهُ

لهُ؛ لأنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّعديلَ (٧).

والصحيحُ هوُ الأوَّلُ؛ لأنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَرْوِيَ عَنْ غَيْرِ عَدْلٍ، فَلَمْ يَتَضَمَّنْ روايتُهُ عنهُ تعديلَهُ. وهَكَذَا نقولُ: إنَّ عَمَلَ العَالِمِ أوْ فُتْيَاهُ عَلَى وَفْقِ حديثٍ، ليسَ حُكْماً منهُ بصِحَّةِ ذلكَ الحديثِ (٨).


(١) قال محقق شرح السيوطي: ٢٤٣: ((هكذا أبهمه ابن الصلاح. قال السخاوي: ((ولعله إمام الحرمين)). (فتح المغيث ١/ ٢٨٩)، قلت: بل أغلب الظن أنه ابن الصبّاغ لما سيأتي من النقل عنه، وهو أقدم وفاة من إمام الحرمين)).
(٢) الكفاية: (١٥٥ ت، ٩٢ هـ‍).
(٣) في (جـ): ((يسمِّ)).
(٤) في (ع) والتقييد: ((يجعل)).
(٥) وبه جزم الماوردي والروياني وأبو الحسن بن القطان، ونقله القاضي في التقريب عن الجمهور، وقال:
((إنه الصحيح)). انظر: البحر المحيط ٤/ ٢٩٠، ونكت الزركشي ٣/ ٣٦٧.
(٦) في (أ): ((نجعل)).
(٧) وهذا مذهب الحنفية وإحدى الروايتين عن أحمد، وفي النقل عن الشافعي خلاف، ونسبه الشيرازي إلى بعض أصحاب الشافعي، وهو اختيار الآمدي، ونقله الأسنوي عن ابن الحاجب. انظر الكفاية:
(١٥٠ ت، ٨٩ هـ‍)، واللمع: ٤٧، والتبصرة في أصول الفقه: ٣٣٩، وإحكام الأحكام ٢/ ٨٠، ونهاية السول ٣/ ٤٨، ودراسات في الجرح والتعديل: ٢٠٩.
(٨) تعقبه الحافظ ابن كثير، فقال: ((وفي هذا نظر، إذ لم يكن في الباب غير ذلك الحديث، أو تعرّض للاحتجاج به في فتياه أو حكمه، أو استشهد به عند العمل بمقتضاه)). اختصار علوم الحديث ١/ ٢٩١، مع شرح أحمد شاكر وحاشية الشيخ ناصر. =

<<  <   >  >>