للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْتُ: قدْ رَوَى عَنِ الْهَزْهَازِ: الثَّوْرِيُّ أيضاً (١). قالَ الخطيبُ: ((وأقَلُّ ما ترتَفِعُ (٢) بهِ الجهالةُ، أنْ يَروِيَ عَنِ الرجلِ اثْنانِ مِنَ المشهورِينَ بالعِلْمِ إلاَّ أنَّهُ لاَ يَثْبُتُ لَهُ حُكمُ العدالَةِ بروايَتِهِما عَنْهُ)) (٣)، وهذا مِمَّا قَدَّمْنا بَيَانَهُ، واللهُ أعلمُ.

قُلْتُ (٤): قَدْ خَرَّجَ البخاريُّ في " صَحِيْحِهِ " حديثَ جماعةٍ ليسَ لَهُمْ غيرُ راوٍ واحِدٍ، منهُمْ: مِرْدَاسٌ (٥) الأسْلَمِيُّ لَمْ يَرْوِ عنهُ غيرُ قَيْسِ بنِ أبي


(١) قال الزركشي في نكته ٣/ ٣٨٩: ((هذا سهو، فإن الثوري لم يروِ عن الشعبي، فكيف يروي عن شيخه؟! نبّه عليه الحافظ المزي. نعم ... روى عن الهزهاز: الجراح بن مليح، ذكره ابن أبي حاتم، وهو أصغر من الثوري وتأخر بعده مدة، فلعل الهزهاز تأخر بعد الشعبي)). وانظر: الجرح والتعديل ٢/ ٥٣٦، والمقنع ١/ ٢٥٩، والتقييد والإيضاح: ١٤٦.
قلنا: رواية الثوري نصّ عليها البخاري في تاريخه الكبير ٨/ ٢٥١ وذكر دليله على ذلك، وهو سنده الصحيح إلى سفيان.
وجري روى عنه أيضاً: أبو إسحاق السبيعي وعاصم بن بهدلة.
انظر: المؤتلف والمختلف ١/ ٤٨٧، وتوضيح المشتبه ٢/ ٣٠٢.
والذي يظهر أنهما اثنان اتفقا في الاسم واسم الأب، واختلفا في النسبة، فقد نقل الحافظ المزي في تهذيب الكمال ١/ ٤٥٠ عن أبي داود تفريقه بينهما، فقال: ((جري بن كليب صاحب قتادة سدوسي بصري لم يروِ عنه غير قتادة، وجري بن كليب كوفي روى عنه أبو إسحاق)).
وفرّق المزي بينهما فذكر في ترجمة السدوسي البصري من أشياخه: علي وبشير بن الخصاصية، وروى عنه قتادة، وذكر في ترجمة النهدي الكوفي أنه روى عن رجل من بني سليم، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي وابنه يونس.
وسبقه إلى نحو ذلك الأمير ابن ماكولا في الإكمال ٢/ ٧٥ - ٧٦ إلا أنه زاد عاصم بن بهدلة، ثم قال: ((لعله الأول أو غيره)). وتبع الذهبيُّ المزيَّ في ذلك. الكاشف ١/ ٢٩٢ (٧٧٥) و (٧٧٦).
ويدل عليه أيضاً اختلاف بلدان الرواة فالبصري روى عنه قتادة، وهو أيضاً بصري، والكوفي روى عنه أبو إسحاق السبيعي وابنه يونس وعاصم بن أبي النجود، وكلهم كوفي، والله أعلم.
(٢) في (م): ((يرتفع)).
(٣) الكفاية: (١٥٠ ت، ٨٨ - ٨٩ هـ‍).
قال الزركشي ٣/ ٣٩٠: ((هذا منازع فيه بما سبق من كلامهم، لا سيما إذا كان الراوي عنه من عادته لا يروي إلا عن عدل، والظاهر أن رواية إمام ناقل للشريعة عن رجل في مقام الاحتجاج كافٍ في تعريفه وتعديله، وقد سبق أن البزار وابن القطان على أن رواية الجلة عن الشخص تثبت له العدالة)).
(٤) هذا اعتراض من ابن الصلاح وإيراد على كلام الخطيب.
(٥) بكسر أوله وسكون الراء. انظر: تقريب التهذيب (٦٥٥٣)، وتاج العروس ١٦/ ١١٨.

<<  <   >  >>