للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ ذَهَبَ غَيْرُ واحِدٍ مِنْ عُلَماءِ المحدِّثِيْنَ وأَكَابِرِهِمْ، منْهُمْ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، ومَنْصُورٌ إلى جَوَازِ إطْلاَقِ ((حَدَّثَنا وأخْبَرَنا)) في الروايةِ بالمكاتَبَةِ (١)، والمختارُ قولُ مَنْ يَقُولُ فيها: ((كَتَبَ إليَّ فُلاَنٌ: قالَ حَدَّثَنا فُلاَنٌ بِكَذَا وكَذَا))، وهذا هوَ الصحيحُ اللاَّئِقُ بِمَذْهَبِ أهْلِ التَّحَرِّي والنَّزَاهَةِ. وهَكَذَا لوْ قَالَ: ((أخْبَرَنِي بهِ مُكَاتَبَةً، أوْ كِتَابَةً))، ونحوَ ذلكَ مِنَ العِبَاراتِ (٢)، واللهُ أعلمُ (٣).

أمَّا المكَاتَبةُ المقْرُونَةُ بِلَفْظِ الإجَازَةِ فَهِيَ في الصِّحَّةِ والقُوَّةِ شَبِيْهَةٌ بالمناولَةِ المقرُونَةِ بالإجَازَةِ، واللهُ أعلمُ.

القِسْمُ السَّادِسُ مِنْ أقْسَامِ الأخْذِ ووُجُوهِ النَّقْلِ: إعْلاَمُ الراوي للطَّالِبِ بأنَّ هذا الحديثَ أوْ هذا الكِتابَ سَمَاعُهُ مِنْ فُلاَنٍ، أوْ روايَتُهُ مُقْتَصِراً عَلَى ذلكَ مِنْ غيرِ أنْ يَقولَ: ((ارْوِهِ عنِّي، أوْ أَذِنْتُ لَكَ في روايتِهِ))، أوْ نَحْوَ ذلكَ، فهَذا عِنْدَ كَثِيرينَ طَرِيقٌ مُجَوِّزٌ لِرِوايَةِ ذلكَ عنهُ ونَقْلِهِ. حُكِيَ ذلكَ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ وطَوَائِفَ مِنَ المحدِّثينَ والفُقَهَاءِ والأُصُولِيِّينَ والظَّاهِرِيِّيْنَ (٤)، وبهِ قَطَعَ أبو نَصْرِ بنُ الصَّبَّاغِ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ (٥)، واخْتَارَهُ ونَصَرَهُ أبو العَبَّاسِ الوليدُ بنُ بَكْرٍ الغَمْرِيُّ (٦) المَالِكِيُّ (٧) في كِتَابِ "الوِجَازَةِ في تَجْوِيْزِ الإجَازَةِ ".

وَحَكَى القَاضِي أبو محمَّدِ بنُ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ (٨) - صَاحبِ كِتابِ " الفَاصِلِ بينَ الرَّاوِي والوَاعِي " (٩) - عَنْ بعضِ أهلِ الظَّاهِرِ، أنَّهُ ذَهَبَ إلى ذلكَ واحْتَجَّ لهُ، وزادَ


(١) انظر: الكفاية: (٤٨٩ ت، ٣٤٣ هـ).
(٢) انظر: الكفاية: (٤٨٨ ت، ٣٤٢ هـ).
(٣) جملة: ((والله أعلم)) سقطت من ع، وهي من جميع النسخ الخطية.
(٤) الإلماع: ١١٥.
(٥) البحر المحيط: ٤/ ٣٩٥.
(٦) بفتح الغين، وسكون الميم، وفي آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى غمر، وهم بطن من غافقة، وقد قيل: إن هذه النسبة بضم الغين أيضاً. الأنساب٤/ ٢٨٢، والتاج١٣/ ٢٦٦، وترجمته في سير أعلام النبلاء١٧/ ٦٥.
(٧) الإلماع: ١٠٨.
(٨) بفتح الراء والميم بينهما الألف، وضم الهاء وسكون الراء الأخرى، وضم الميم وفي آخرها الزاي، هذه النسبة إلى رامهرمز، وهي مدينة مشهورة بنواحي خوزستان. الأنساب ٣/ ٣٢، ومعجم البلدان ٣/ ١٧.
(٩) كذا ذكره ياقوت في معجمه ٩/ ٥، وذكره غير واحد باسم: " المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي ". انظر: السِّيَر ١٦/ ٧٣، ونزهة النظر: ٤٧، وتدريب الراوي ١/ ٥٢، والرسالة المستطرفة: ٥٥و١٤٢.

<<  <   >  >>