للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالَ: ((لَوْ قَالَ لهُ (١): هذهِ رِوَايَتِي لَكِنْ لاَ تَرْوِها عَنِّي، كَانَ لهُ أنْ يَرْوِيَها عنهُ كما لَوْ سَمِعَ منهُ حَدِيثاً ثُمَّ قَالَ لهُ (٢): ((لاَ تَرْوِهِ عَنِّي، ولاَ أُجِيْزُهُ لَكَ))، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ)). وَوَجْهُ مَذْهَبِ هَؤُلاَءِ اعْتِبَارُ ذلكَ بالقِرَاءَ ةِ عَلَى الشَّيخِ، فإنَّهُ إذا قَرَأَ عليهِ شَيْئاً مِنْ حَدِيثِهِ وأقَرَّ بأنَّهُ رِوَايَتُهُ عَنْ فُلاَنِ بنِ فُلاَنٍ (٣) جَازَ لهُ أنْ يَرْوِيَهُ عنهُ، وإنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ لَفْظِهِ ولَمْ يَقُلْ لهُ: ((ارْوِهِ عَنِّي، أوْ أَذِنْتُ لَكَ في رِوَايَتِهِ عَنِّي)) (٤)، واللهُ أعلمُ.

والمختارُ ما ذُكِرَ عَنْ غَيْرِ واحِدٍ مِنَ المحدِّثِينَ وغَيْرِهِمْ، مِنْ أنَّهُ لاَ تَجُوزُ الروايةُ بذلكَ، وبهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ الطُّوْسِيُّ (٥) مِنَ الشَّافِعِيِّينَ، ولَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ ذلكَ؛ وهذا لأنَّهُ قَدْ يَكُونُ ذلكَ مَسْمُوعَهُ وروايَتَهُ، ثُمَّ لاَ يَأْذَنُ (٦) في روايتِهِ عنهُ؛ لِكَونِهِ لاَ يُجَوِّزُ روايَتَهُ لِخَلَلٍ يَعْرِفُهُ فيهِ وَلَمْ يُوجَدْ منهُ التَّلَفُّظُ بهِ، ولاَ مَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ تَلَفُّظِهِ بهِ (٧)، وهوَ تَلَفُّظُ القارِئِ عليهِ وهوَ يَسْمَعُ، ويُقِرُّ بهِ حَتَّى يَكُونَ قَولُ الراوي عنهُ السَّامِعِ ذلكَ: ((حَدَّثَنا وأخْبَرَنا)) صِدْقاً، وإنْ لَمْ يَأْذَنْ لهُ فيهِ. وإنَّما هذا (٨) كالشَّاهِدِ، إذا ذَكَرَ في غَيرِ مَجْلِسِ الحكمِ شَهَادتَهُ بشيءٍ فليسَ لِمَنْ يَسْمَعُهُ أنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ، إذا لَمْ يَأْذَنْ لهُ ولَمْ يُشْهِدْهُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وذلكَ مِمَّا تَسَاوَتْ فيهِ الشَّهَادَةُ والروايَةُ؛ لأنَّ المعنى يَجْمَعُ بَيْنَهُما في ذلكَ وإنِ افْتَرَقا (٩) في غيرِهِ.

ثُمَّ إنَّهُ يَجبُ عليهِ العَمَلُ بما ذكَرَهُ لهُ إذا صَحَّ إسْنادُهُ وإنْ لَمْ تَجُزْ لهُ روايتُهُ عنهُ؛ لأنَّ ذلكَ يَكْفِي فيهِ صِحَّتُهُ في نفسِهِ، واللهُ أعْلَمُ.


(١) ساقطة من (أ).
(٢) سقطت من (جـ).
(٣) عبارة: ((بن فلان)) ساقطة من (أ).
(٤) المحدّث الفاصل: ٤٥١ - ٤٥٢، ونقله عنه الخطيب في الكفاية: (٤٩٨ - ٤٩٩ت، ٣٤٨ هـ)، والقاضي عياض في الإلماع: ١١٠.
(٥) عنى بذلك الإمام الغزالي، وقوله في المستصفى ١/ ١٦٦، وإليه ذهب ابن حزم والماوردي وابن القطان والبيضاوي وابن السبكي والآمدي. ينظر: إحكام الأحكام ٢/ ٩١، والإبهاج ٢/ ٣٣٤، ونهاية السول ٣/ ١٩٦، ومحاسن الاصطلاح: ٢٩٠. وانظر: نكت الزركشي ٣/ ٥٤٩، وشرح التبصرة ٢/ ١٨٢.
(٦) في (ع): ((ولا يأذن له))، وكلمة: ((له)) لم ترد في شيء من النسخ الخطية ولا (م).
(٧) سقطت من (أ).
(٨) في (م): ((هو)).
(٩) في (أ) و (م) والشذا: ((افترقتا)).

<<  <   >  >>