الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وأشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الحمد للَّه الذي ختم الرسل بهذا النبي الكريم، عليه من اللَّه الصلاة والتسليم، كما ختم الكتب السماوية بهذا القرآن العظيم، وهدى الناس بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)} [الأنعام/ ١١٥]، فأخباره كلها صدق، وأحكامه كلها عدل، وبعضه يشهد بصدق بعض ولا ينافيه؛ لأن آياته فُصِّلت من لدن حكيم خبير، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء/ ٨٢].
أما بعد؛ فإن مُقيِّد هذه الحروف -عفا اللَّه عنه- أراد أن يُبَيِّن في هذه الرسالة ما تيسر من أوجه الجمع بين الآيات التي يُظَنُّ بها التعارض في القرآن العظيم، مُرتِّبًا لها بحسب ترتيب السور، يذكر الجمع بين الآيتين غالبًا في محل الأولى منهما، وربما يذكر الجمع عند محلِّ الأخيرة، وربما يكتفي بذكر الجمع عند الأولى، وربما يحيل عليه عند محل الأخيرة، ولا سيما إذا كانت السورة ليس فيها مما يُظَنُّ تعارضه إلا تلك الآية، فإنه لا يترك ذكرها والإحالة على الجمع المتقدم، وسمَّيْتُه:"دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب"