للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة طه]

قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} [طه/ ١٥].

هذه الآية الكريمة يتوهم منها أنه جل وعلا لم يُخْفِها بالفعل، ولكنه قارب أن يخفيها؛ لأن "كاد" فعل مقاربة.

وقد جاء في آيات أخر التصريح بأنه أخفاها، كقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام/ ٥٩]، وقد ثبت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن المراد بمفاتح الغيب: الخمسُ المذكورة في قوله ثعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآيات [لقمان/ ٣٤]، وكقوله: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف/ ١٨٧]، وقوله: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣)} [النازعات/ ٤٣]، إلى غير ذلك من الآيات.

والجواب من سبعة أوجه:

الأول -وهو الراجح-: أن معنى الآية: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} من نفسي، أي: لو كان ذلك يمكن. وهذا على عادة العرب؛ لأن القرآن نزل بلغتهم، والواحد منهم إذا أراد المبالغة في كتمان أمر قال: كتمته من نفسي، أى: لا أبوح لأحد. ومنه قول الشاعر:

أيام تصحبنى هندٌ وأخبرها ... ما كدت أكتمه عني من الخبر

ونظير هذا من المبالغة قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث السبعة الذين يظلهم اللَّه-: "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

<<  <   >  >>