للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة العلق]

قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦)} الآية [العلق/ ١٦].

أسند الكذب في هذه الآية الكريمة إلى ناصية هذا الكافر، وهي مقدم شعر رأسه.

مع أنه أسنده في آيات كثيرة إلى غير الناصية، كقوله: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٠٥)} [النحل/ ١٠٥].

والجواب ظاهر، وهو: أنه هنا أطلق الناصية وأراد صاحبها، على عادة العرب في إطلاق البعض وإرادة الكل. وهو كثير في كلام العرب، وفي القرآن.

فمن أمثلته في القرآن هذه الآية الكريمة، وقوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد/ ١]، يعني: أبا لهب، وقوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران/ ١٨] يعني: بما قدمتم.

ومن ذلك تسمية العربِ الرقيبَ عينًا.

وقوله: {خَاطِئَةٍ (١٦)} لا يعارضه قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب/ ٥]؛ لأن الخاطئ هو فاعل الخطيئة أو الخِطْء -بكسر الخاء- وكلاهما الذنب، كما بينه قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} [نوح/ ٢٥]، وقوله: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (٣١)} [الإسراء/ ٣١].

فالخاطئ: المذنب عمدًا، والمخطئ: من صدر منه الفعل من غير قصد، فهو معذور.

<<  <   >  >>