للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة المجادلة]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة/ ٣].

لا يخفى أن ترتيبه تعالى الكفارة بالعتق على الظهار والعَوْدِ معًا يُفْهَمُ منه أن الكفارة لا تلزم إلا بالظهار والعَوْدِ معًا.

وقولُه: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} صريح في أن التكفير يلزم كونه قبل العَوْدِ إلى المسيس.

اعلم أولًا: أن ما رجحه ابن حزم من قول داود -وحكاه ابن عبد البر عن بكير بن الأشج والفراء وفرقة من أهل الكلام، وقال به شعبة- من أن معنى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} هو عودهم إلى لفظ الظهار، فيكررونه مرة أخرى = قول باطل؛ بدليل أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يستفصل المرأة التي نزلت فيها آية الظهار، هل كرر زوجها صيغة الظهار أم لا؟ وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال، كما تقدم مرارًا.

والتحقيق: أن الكفارة ومنع الجماع قبلها لا يشترط فيهما تكرير صيغة الظهار.

وما زعمه البعض -أيضًا- من أن الكلام فيه تقديم وتأخير، وتقديره: والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا، ثم يعودون لما قالوا سالمين من الإثم بسبب الكفارة = غير صحيح أيضًا؛ لما تقرر في الأصول من وجوب العمل على بقاء

<<  <   >  >>