لا يخفى ما يسبق إلى الذهن من أن إرسال شواظ النار الذي هو لهبها، والنحاس الذي هو دخانها، أو النحاس المذاب، وعدم الانتصار = ليس في شيء منه إنعامٌ على الثقلين.
وقوله لهم: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٦)} يفهم منه أنَّ إرسال الشواظ والنحاس وعدم الانتصار من آلاء اللَّه، أي نعمه على الجن والإنس.
والجواب من وجهين:
الأول: أن تكرير {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} للتوكيد. ولم يكرره متواليًا؛ لأن تكريره بعد كل آية أحسن من تكريره متواليًا.
وإذا كان للتوكيد فلا إشكال؛ لأن المذكور منه بعد ما ليس من الآلاء مؤكدٌ للمذكور بعد ما هو من الآلاء.
الوجه الثاني: أن {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} لم تذكر إلا بعد ذكر نعمة أو موعظة أو إنذار وتخويف، وكلها من آلاء اللَّه التي لا يكذب بها إلا كافر جاحد.
أما في ذكر النعمة، فواضح.
وأما في الموعظة، فلأن الوعظ تلين له القلوب فتخشع وتنيب،