للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة البلد]

قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١)} [البلد/ ١].

هذه الآية الكريمة يتبادر من ظاهرها أنه تعالى أخبر بأنه لا يقسم بهذا البلد -الذي هو مكة المكرمة-، مع أنه تعالى أقسم به في قوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)} [التين/ ٣].

والجواب من أربعة وجوه:

الأول -وعليه الجمهور-: أن "لا" هنا صلةٌ، على عادة العرب؛ فإنها ربما لفظت بلفظة "لا" من غير قصد معناها الأصلي، بل لمجرد تقوية الكلام وتوكيده، كقوله: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ} [طه/ ٩٢ - ٩٣] يعني: أن تتبعني، وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف/ ١٢] أي: تسجد -على أحد القولين-، ويدل له قوله في سورة "ص": {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ} الآية [ص/ ٧٥]، وقوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد/ ٢٩] أي: ليعلم أهل الكتاب، وقوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} [النساء/ ٦٥] أي: فوربك، وقوله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ} [فصلت/ ٣٤] أي: والسيئة، وقوله: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (٩٥)} [الأنبياء/ ٩٥] على أحد القولين، وقوله: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام/ ١٠٩] على أحد القولين، وقوله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا} [الأنعام/ ١٥١] على أحد الأقوال الماضية.

<<  <   >  >>