اعلم أولًا: أن المراد بهذه الأشهر الحرم أشهر المهلة المنصوص عليها بقوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}[التوبة/ ٢]، لا الأشهر الحرم التي هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، على الصحيح، وهو قول ابن عباس في رواية العوفي عنه، وبه قال مجاهد وعمرو بن شعيب ومحمد بن إسحاق وقتادة والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، واستظهر هذا القول ابن كثير؛ لدلالة سياق القرآن عليه، ولأقوال هؤلاء العلماء، خلافًا لابن جرير.
وعليه فالآية تدل بعمومها على قتال الكفار في الأشهر الحرم المعروفة، بعد انقضاء أشهر الإمهال الأربعة.
وقد جاءت آية أخرى تدل على عدم القتال فيها، وهي قوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} الآية [التوبة/ ٣٦].
والجواب: أن تحريم الأشهر الحرم منسوخ بعموم آيات السيف، ومن يقول بعدم النسخ يقول: هو مخصص لها. والظاهر أن