هذه الآية الكريمة تدل على الأمر ببر الوالدين الكافرين.
وقد جاءت آية أخرى يفهم منها خلاف ذلك، وهي قوله تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ} الآية [المجادلة/ ٢٢]، ثم نص على دخول الآباء في هذا بقوله:{وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ}.
والذي يظهر لي -واللَّه تعالى أعلم- أنه لا معارضة بين الآيتين.
ووجه الجمع بينهما: أن المصاحبة بالمعروف أعم من المُوادَّة؛ لأن الإنسان يمكنه إسداء المعروف لمن يوده ومن لا يوده، والنهي عن الأخص لا يستلزم النهي عن الأعم، فكأن اللَّه حذر من المودةِ المشعرة بالمحبة، والموالاةِ بالباطن لجميع الكفار، يدخل في ذلك الآباء وغيرهم، وأَمَر الإنسان بأن لا يفعل لوالديه إلا المعروف، وفعلُ المعروف لا يستلزم المودة؛ لأن المودة من أفعال القلوب لا من أفعال الجوارح.
ومما يدل لذلك: إذنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأسماء بنت أبي بكر الصديق أن تَصِلَ أمها وهي كافرة، وقال بعض العلماء: إن قصتها سبب لنزول قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الآية [الممتحنة/ ٨].