هذه الآية تدل على أن قوم نوح كذبوا جماعة من المرسلين، بدليل صيغة الجمع في قوله: {الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)}، ثم بين ذلك بما يدل على خلاف ذلك، وأنهم إنما كذبوا رسولًا واحدًا وهو نوح -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- بقوله: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٠٦)} إلى قوله: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧)} [الشعراء/ ١٠٦ - ١١٧].
والجواب عن هذا: أن الرسل عليهم صلوات اللَّه وسلامه، لما كانت دعوتهم واحدة وهي: لا إله إلا اللَّه، صار مكذب واحد منهم مكذبًا لجميعهم، كما يدل لذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء/ ٢٥]، وقوله:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا}[النحل/ ٣٦]. وقد بين تعالى أن مكذب بعضهم مكذب للجميع بقوله: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء/ ١٥٠ - ١٥١].
ويأتي مثل هذا الإشكال والجواب في قوله: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ} إلى آخره [الشعراء/ ١٢٣ - ١٢٤]، وقوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ} [الشعراء/ ١٤١ - ١٤٢]، وكذلك في قصة لوط وشعيب، على الجميع وعلى نبينا الصلاة والسلام.