هذه الآية الكريمة تدل بظاهرها على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يجتهد في شيء.
وقد جاءت آيات أخر تدل على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ربما اجتهد في بعض الأمور، كما دل عليه قوله تعالى:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}[التوبة/ ٤٣]، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧)} الآية [الأنفال/ ٦٧].
والجواب من هذا من وجهين:
الأول -وهو الذي اقتصر عليه ابن جرير، وصَدَّرَ به ابن الحاجب في "مختصره" الأصولي-: أن معنى قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)} [النجم/ ٣] أي في كل ما يبلغه عن اللَّه، {إِنْ هُوَ} أي كل ما يبلغه عن اللَّه {إِلَّا وَحْيٌ} من اللَّه؛ لأنه لا يقول على اللَّه شيئًا إلا بوحي منه.
فالآية رد على الكفار حيث قالوا: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- افترى هذا القرآن. كما قال ابن الحاجب.
الوجه الثاني: أنه إن اجتهد فانه إنما يجتهد بوحي من اللَّه يأذن له به في ذلك الاجتهاد، وعليه فاجتهاده بوحي، فلا منافاة.