للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصول أن ترك الاستفصال بمنزلة العموم في الأقوال، كما أشار له في "مراقي السعود" بقوله:

ونزلنَّ ترك الاستفصال ... منزلة العموم في المقال

والذي يظهر لمقيده -عفا اللَّه عنه- أن هذه الأدلة ليس فيها حجة على أصحاب مالك.

أما حديث عبد اللَّه بن مغفل وحديث أنس -رضي اللَّه عنهما- فليس في واحد منهما النص على خصوص الشحم المحرم عليهم، ومطلق الشحم ليس حرامًا عليهم؛ بدليل قوله تعالى: {إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام/ ١٤٦]، فما في الحديثين أعم من محل النزاع، والدليل على الأعم ليس دليلًا على الأخص؛ لأن وجود الأعم لا يقتضي وجود الأخص بإجماع العقلاء.

ومثل رد هذا الاحتجاج بما ذكرنا هو القادح في الدليل المعروف عند الأصوليين بالقول بالموجَب، وأشار له صاحب "مراقي السعود" بقوله:

والقول بالموجَب قدحه جلا ... وهو تسليم الدليل مُسْجَلا

من مانع أن الدليل استلزما ... لما من الصور فيه اختصما

أما القول بالموجَب عند البيانيين فهو من أقسام البديع المعنوي، وهو ضربان معروفان في علم البلاغة. وقصدنا هنا القول بالموجَب بالاصطلاح الأصولي لا البياني.

<<  <   >  >>