وقال ابن جرير وابن كثير: إن مرادهم بالنسخ التخصيص.
ولكنا قدمنا أن التخصيص بعد العمل بالعام نسخ، لأن التخصيص بيانٌ، والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت العمل.
ويدل لهذا أن آية {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} من سورة الأنعام، وهي مكية بالإجماع، وآية {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} من المائدة، وهي من آخر ما نزل من القرآن بالمدينة.
وأما آية التحريم فيرجح عمومها بما قدمنا من مرجحات قوله تعالى:{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}؛ لأن كلتيهما دلت على نهي يظهر تعارضه مع إباحة.
وحاصل هذه المسألة: أن ذبيحة الكتابي لها خمس حالات لا سادسة لها:
الأولى: أن يُعلم أنه سمَّى اللَّه عليها. وفي هذه تؤكل بلا نزاع، ولا عبرة بخلاف الشيعة في ذلك، لأنهم لا يعتد بهم في الإجماع.
الثانية: أنه يُعلم أنه أهلَّ بها لغير اللَّه. ففيها خلاف، وقد قدمنا أن التحقيق أنها لا تؤكل؛ لقوله تعالى:{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}.
الثالثة: أن يُعلم أنه جمع بين اسم اللَّه واسم غيره. وظاهر النصوص أنها لا تؤكل أيضًا؛ لدخولها فيما أهل لغير اللَّه به.
الرابعة: أن يُعلم أنه سكت ولم يسم اللَّه ولا غيره. فالجمهور