القول الثالث: أن المسلم إذا لم يسم على ذبيحته لا تؤكل مطلقًا، تركها عمدًا أو نسيانًا. وهو مذهب داود الظاهري.
وقال ابن كثير: ثم نقل ابن جرير وغيره عن الشعبي ومحمد بن سيرين: أنهما كرها متروك التسمية نسيانًا. والسلف يطلقون الكراهة على التحريم كثيرًا.
ثم ذكر ابن كثير أن ابن جرير لا يعتبر مخالفة الواحد أو الاثنين للجمهور، فيعده إجماعًا مع مخالفة الواحد أو الاثنين، ولذلك حكى الإجماع على أكل متروك التسمية نسيانًا مع أنه نقل خلاف ذلك عن الشعبي وابن سيرين.
مسائل مهمة تتعلق بهذه المباحث
المسألة الأولى: اعلم أن كثيرًا من العلماء من المالكية والشافعية وغيرهم يفرقون بين ما ذبحه أهل الكتاب لصنم، وبين ما ذبحوه لعيسى أو جبريل أو لكنائسهم. قائلين: إن الأول مما أُهِلَّ به لغير اللَّه، دون الثاني فمكروهٌ عندهم كراهة تنزيه، مستدلين بقوله تعالى:{وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}[المائدة/ ٣].
والذي يظهر لمقيده -عفا اللَّه عنه- أن هذا الفرق باطلٌ، بشهادة القرآن؛ لأن الذبح على وجه القربة عبادةٌ بالإجماع، وقد قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)} الآية [الكوثر/ ٢]، وقال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ}[الأنعام/ ١٦٢].
فمن صرف شيئًا من ذلك لغير اللَّه فقد جعله شريكًا مع اللَّه في