هذه الآية الكريمة تدل على أن أشد الناس عذابًا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة.
وقد جاء في بعض الآيات ما يوهم خلاف ذلك، كقوله:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}[النساء/ ١٤٥]، وقوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)} [غافر/ ٤٦].
والجواب: أن آية {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ} وآية {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ} لا منافاة بينهما؛ لأن كلًا من آل فرعون والمنافقين في أسفل دركات النار في أشد العذاب، وليس في الآيتين ما يدل على أن بعضهم أشد عذابًا من الآخر.
وأما قوله:{فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ} الآية، فيجاب عنه من وجهين:
الأول -وهو ما قاله ابن كثير-: أن المرأد بالعالمين عالموا زمانهم. وعليه فلا إشكال. ونظيره قوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (٤٧)} [البقرة/ ٤٧] كما تقدم.
الثاني: ما قاله البعض من أن المراد به العذاب الدنيوي الذي هو مسخهم خنازير.
ولكن يدل لأنه عذاب الآخرة ما رواه ابن جرير عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- أنه قال:"أشد الناس عذابًا يوم القيامة ثلاثة: المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون".