للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالي: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)} [المائدة/ ١١٥].

هذه الآية الكريمة تدل على أن أشد الناس عذابًا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة.

وقد جاء في بعض الآيات ما يوهم خلاف ذلك، كقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء/ ١٤٥]، وقوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)} [غافر/ ٤٦].

والجواب: أن آية {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ} وآية {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ} لا منافاة بينهما؛ لأن كلًا من آل فرعون والمنافقين في أسفل دركات النار في أشد العذاب، وليس في الآيتين ما يدل على أن بعضهم أشد عذابًا من الآخر.

وأما قوله: {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ} الآية، فيجاب عنه من وجهين:

الأول -وهو ما قاله ابن كثير-: أن المرأد بالعالمين عالموا زمانهم. وعليه فلا إشكال. ونظيره قوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (٤٧)} [البقرة/ ٤٧] كما تقدم.

الثاني: ما قاله البعض من أن المراد به العذاب الدنيوي الذي هو مسخهم خنازير.

ولكن يدل لأنه عذاب الآخرة ما رواه ابن جرير عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة ثلاثة: المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون".

<<  <   >  >>