للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخلق ولا يحيطون به علمًا.

وقد اتفق العقلاء على أن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، فانتفاء الإدراك لا يلزم منه انتفاء مطلق الرؤية، مع أن اللَّه تعالى لا يُدْرِكُ كُنْهَه على الحقيقة أحد من الخلق.

والدليل على صحة هذا الوجه ما أخرجه الشيخان من حديث أبي موسى مرفوعًا: "حجابه النور -أو النار- لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".

فالحديث صريح في عدم الرؤية في الدنيا، ويفهم منه عدم إمكان الإحاطة مطلقًا.

والحاصل: أن رؤيته تعالى بالأبصار جائزة عقلًا في الدنيا والآخرة؛ لأن كل موجود يجوز أن يرى عقلًا، ويدل لجوازها عقلًا قول موسى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف/ ١٤٣]؛ لأنه لا يجهل الجائز في حق اللَّه تعالى عقلًا.

وأما في الشرع: فهي جائزة وواقعة في الآخرة، ممتنعة في الدنيا. ومن أصرح الأدلة في ذلك ما رواه مسلم وابن خزيمة مرفوعًا: "إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا". والأحاديث برؤية المؤمنين له يوم القيامة متواترة. والعلم عند اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦)} [الأنعام/ ١٠٦].

لا يعارض آيات السيف؛ لأنها ناسخة له.

<<  <   >  >>