وقال العلامة الشوكاني في هذه القصة: ولم يصح شيء من هذا ولا ثبت بوجه من الوجوه. ومع عدمِ صحته -بل بطلانه- فقد دفعه المحققون بكتاب اللَّه، كقوله: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤)} الآية [الحاقة/ ٤٤]، وقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)} [النجم/ ٣]، وقوله:{وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ} الآية [الإسراء/ ٧٤]، فنفى المقاربة للركون فضلًا عن الركون.
ثم ذكر الشوكاني عن البزار أنها لا تروى بإسناد متصل، وعن البيهقي أنه قال: هي غير ثابتة من جهة النقل. وذكر عن إمام الأئمة ابن خزيمة أن هذه القصة من وضع الزنادقة.
وأبطلها عياض، وابن العربي المالكي، والفخر الرازي، وجماعات كثيرة.
ومن أصرح الأدلة القرآنية في بطلانها: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ بعد ذلك في سورة النجم قوله تعالى:{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}[النجم/ ٢٣].
فلو فرضنا أنه قال: تلك الغرانيق العلى، ثم أبطل ذلك بقوله:{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا}، فكيف يفرح المشركون بعد هذا الإبطال والذم التام لأصنامهم بأنها أسماء بلا مسميات، وهذا هو الأخير؟ !
وقراءتُه -صلى اللَّه عليه وسلم- سورة النجم بمكة وسجود المشركين ثابت في الصحيح، ولم يذكر فيه شيء من قصة الغرانيق.