على أن المراد بالمكر هنا هو السيء بعينه لا شيءآخر. فالتنافي بين التركيب الإضافي والتركيب التقييدي ظاهر.
والذي يظهر -واللَّه تعالى أعلم- أن التحقيق جواز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلفت الألفاظ؛ لأن المغايرة بين الألفاظ ربما كَفَتْ في المغايرة بين المضاف والمضاف إليه، كما جزم به ابن جرير في تفسيره في غير هذا الموضع.
ويشير إليه ابن مالك في "الخلاصة" بقوله:
وإن يكونا مفردين فأضف ... حتمًا وإلا أَتْبِع الذي ردف
وأما قوله:
ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معنًى وأَوِّلْ موهمًا إذا ورد
فالذي يظهر فيه بعد البحث أنه لا حاجة إلى تأويله مع كثرته في القرآن واللغة العربية، فالظاهر أنه أسلوب من أساليب العربية؛ بدليل كثرة وروده، كقوله هنا:{وَمَكْرَ السَّيِّئِ} والمكر هو السيء، بدليل قوله:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ} الآية. وكقوله:{الدَّارُ الْآخِرَةُ}[الأعراف/ ١٦٩] والدار هي الآخرة. وكقوله:{شَهْرُ رَمَضَانَ}[البقرة/ ١٨٥] والشهر هو رمضان، على التحقيق. وكقوله: {مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} [ق/ ١٦] والحبل هو الوريد.
ونظيره من كلام العرب قول عنترة في معلقته:
ومِشَكِّ سابغةٍ هتكت فروجها ... بالسيف عن حامي الحقيقة مُعْلِمِ