للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنها: أن المعنى: إن يك صادقًا فلا أقلَّ من أن يصيبكم بعض الذي يعدكم.

وعلى هذا، فالنكتةُ المبالغةُ في التحذير؛ لأنه إذا حذرهم من إصابة البعض، أفاد أنه مُهْلِكٌ مَخُوفٌ، فما بال الكل؟

وفيه إظهارٌ لكمال الإنصاف وعدم التعصب، ولذا قدم احتمال كونه كاذبًا.

ومنها: أن لفظة "البعض" يراد بها الكل.

وعليه، فمعنى: {بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}: كلُّ الذي يعدكم.

ومن شواهد هذا في اللغة العربية قول الشاعر:

إن الأمور إذا الأحداثُ دَبَّرها ... دون الشيوخ ترى في بعضها خللا

يعني: ترى فيها خللا.

وقول القطامي:

قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل

يعني: قد يدرك المتأني حاجته.

وأما استدلال أبي عبيدة لهذا بقول لبيد:

تَرَّاكُ أمكنةٍ إذا لم أَرْضَها ... أو يعتلقْ بعضَ النفوس حِمامُها

فغلط منه؛ لأن مراد لبيد "ببعض النفوس" نفسه، كما بينتُه في رحلتي في الكلام على قوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} الآية [الرعد/ ٣١].

<<  <   >  >>