الإطلاق ينصرف إلى من عنده شيء لا يكفيه، فإذا قُيِّدَ بما يقتضي أنه لا شئ عنده فذلك يُعْلَمُ من القيد الزائد لا من مطلق لفظ المسكين.
وعليه، فاللَّه -في هذه الآية- قيد المسكين بكونه ذا متربة، فلو لم يقيده لانصرف إلي من عنده ما لا يكفيه، فمدلول اللفظ حالة الإطلاق لا يعارض بمدلوله حالة التقييد.
وأما على قول من قال بأن المسكين أحوج من مطلق الفقير، وأنه لا شيء عنده، فيجاب عن آية الكهف بأجوبة:
منها: أن المراد بقوله: {مَسَاكِينَ} أنهم قوم ضعاف لا يقدرون على مدافعة الظلمة، ويزعمون أنهم عشرة، خمسةٌ منهم زَمْنَى.
ومنها: أن السفينة لم تكن ملكًا لهم، بل كانوا أجراء فيها، أو أنها عارية، واللام للاختصاص.
ومنها: أن اسم المساكين أطلق عليهم ترحمًا؛ لضعفهم.
والذي يظهر لمقيده -عفا اللَّه عنه- أن هذه الأجوبة لا دليل على شئ منها؛ فليس فيها حجة يجب الرجوع إليها.
وما احتج به بعضهم من قراءة عليٍّ -رضي اللَّه عنه- (لمسَّاكين) بتشديد السين، جمع تصحيح لـ "مسَّاك" بمعنى المَلَّاح، أو دابة المُسُوك التي هي الجلود = فلا يخفى سقوطه؛ لضعف هذه القراءة وشذوذها.
والذي يتبادر إلى ذهن المنصف أن مجموع الآيتين دل على أن