للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نضلة:

جاء شقيقٌ عارضًا رمحَه ... إن بني عمِّك فيهم رماح

فشقيق لا ينكر أن في بني عمه رماحًا، ولكن مجيئه عارضًا رمحه، أي جاعلًا عرضه جهتهم من غير التفات، أمارة أنه يعتقد أنْ لا رمح فيهم، فأكد له الخبر.

فإذا حققت ذلك، فاعلم أن الكفار لما أنكروا البعث ظهرت عليهم أمارة إنكار الإيجاد الأول؛ لأن من أقر بالأول لزمه الإقرار بالثاني؛ لأن الإعادة أيسر من البدء، فأكد لهم الإيجاد الأول.

ويوضح هذا: أن اللَّه بين أنه المقصود بقوله: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧)} [التين/ ٧]، أي: ما يحملك أيها الإنسان على التكذيب بالبعث والجزاء، بعد علمك أن اللَّه أوجدك أولًا؟ فمن أوجدك أولًا قادر على أن يوجدك ثانيًا، كما قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} الآية [يس/ ٧٩]، وقال: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} الآية [الأنبياء/ ١٠٤]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} الآية [الروم/ ٢٧]، وقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الحج/ ٥]، والآيات بمثل هذا كثيرة.

ولذا ذكر تعالى أن من أنكر البعث فقد نسي إيجاده الأول، بقوله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} [يس/ ٧٨]، وبقوله: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧)} [مريم/ ٦٦ - ٦٧].

<<  <   >  >>