للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)} [النساء/ ١٤٩].

الوجه الثاني: أن الانتقام له موضع يحسن فيه، والعفو له موضع كذلك؛ وإيضاحه: أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة اللَّه، ألا ترى أن من غصبت منه جاريته -مثلًا- إذا كان الغاصب يزني بها فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعفٌ وخَوَرٌ تنتهك به حرمات اللَّه، فالانتقام في مثل هذا واجب، وعليه يحمل الأمر في قوله {فَاعْتَدُوا} هو الآية.

أي: كما إذا بدأ الكفار بالقتال فقتالهم واجب، بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه المسلمين بكلام قبيح ونحو ذلك، فعفوه أحسن وأفضل، وقد قال أبو الطيب المتنبي:

إذا قيل حِلْمًا قال للحِلْم موضعٌ ... وحِلْمُ الفتى في غير موضعه جهلُ

قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: ٢١٧].

هذه الآية الكريمة تدل على أن الردة لا تحبط العمل إلا بقيد الموت على الكفر، بدليل قوله: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة/ ٢١٧].

وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الردة تحبط العمل مطلقًا ولو رجع إلى الإسلام، فكل ما عمل قبل الردة أحبطته الردة، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} الآية [المائدة/ ٥]،

<<  <   >  >>