والجواب ظاهر، وهو: أن الأولى ناسخة لهذه، وإن كانت قبلها في المصحف؛ لأنها متأخرة عنها في النزول، وليس في القرآن آية هي الأولى في المصحف وهي ناسخة لآية بعدها فيه إلا في موضعين: أحدهما هذا الموضع، والثاني: آية {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ}[الأحزاب/ ٥٠] هي الأولى في المصحف وهي ناسخة لقوله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} الآية [الأحزاب/ ٥٢]؛ لأنها وإن تقدمت في المصحف فهي متأخرة في النزول. وهذا على القول بالنسخ، ويأتي إن شاء اللَّه تحرير المقام في سورة الأحزاب.
هذه الآية تدل بظاهرها على أنه لا يكره أحد على الدخول في الدين. ونظيرها قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)} [يونس/ ٩٩]، وقوله تعالى:{فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}[الشورى/ ٤٨].
وقد جاء في آيات كثيرة ما يدل على إكراه الكفار على الدخول في الإسلام بالسيف، كقوله تعالى:{تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}[الفتح/ ١٦]، وقوله:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}[البقرة/ ١٩٣] أي: شرك، ويدل لهذا التفسير الحديثُ الصحيح:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه" الحديث.