للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جرير، وجزم ابن كثير بانه الحق، من أن قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ} أي موت عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:

الأول: أن قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران/ ٥٥] لا يدل على تعيين الوقت، ولا يدل على كونه قد مضى. وهو متوفيه قطعًا يومًا ما. ولكن لا دليل على أن ذلك اليوم قد مضى. وأما عطفه {وَرَافِعُكَ} إلى قوله: {مُتَوَفِّيكَ} فلا دليل فيه؛ لإطباق جمهور أهل اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع، وإنما تقتضي مطلق التشريك.

وقد ادعى السيرافي والسهيلي إجماع النحاة على ذلك، وعزاه الأكثرُ للمحققين، وهو الحق، خلافًا لما قاله قطرب والفراء وثعلب وأبو عمرو الزاهد وهشام والشافعي من أنها تفيد الترتيب لكثرة استعمالها فيه.

وقد أنكر السيرافي ثبوت هذا القول عن الفراء، وقال: لم أجده في كتابه. وقال ولي الدين: أنكر أصحابنا نسبة هذا القول إلى الشافعي. حكاه عنه صاحب "الضياء اللامع".

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ابدأ بما بدأ اللَّه به" يعني: الصفا، لا دليل فيه على اقتضائها الترتيب. وبيان ذلك هو ما قاله الفهري -كما ذكر عنه صاحب "الضياء اللامع"- وهو أنها لا تقتضي الترتيب ولا المعية، فكذلك لا تقتضي المنع منهما، فقد يكون العطف بها مع قصد

<<  <   >  >>