للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وادعى خلو الموصوف عن النقيضين في المعنى جميعًا، اللذيْن هما ضدان في النفي، كما هما ضدان في الإثبات، فلما قيل له: كيف ذلك؛ أي: كيف يعقل؟ قال: بلا كيف. وهذا إنما ينخدع به الجهال، اللذين لا يفرقون بين الشيء الذي علمنا انتفاءه، أو لم نعلم ثبوته، إذ ادعى المدعي ثبوته، وقال: بلا كيف. لم يقبل، وبين الشيء الذي علمنا ثبوته، ولم نعلم كيفيته، إذا قيل له: بلا كيف حقًّا.

ومما يبين ذلك أن خلوه عن هاتين الصفتين، لو كان كما ادعاه الجهمي لكان معلومًا عنده بالعقل، إذ العقل هو الذي دلَّ عنده على هذا السلب، لا يقول إن السمع جاء بذلك، فما كان إنما علم بالعقل فقط، والعقل يحيله، لم يقل فيه بلا كيف كسائر الممتنعات، وهذه السبيل التي حكاها الإمام أحمد عن الجهمية، هي التي سلكها هذا المؤسس وأمثاله، فإنه ادعى فيما ذكره من هذه الحجج العشر، جواز وصف الرب بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، وما في ضمن ذلك من أنه لا مماس ولا مباين، ونحو ذلك، مدعيًا أن العلم الإلهي [لا ينفي ذلك و] لم يحسن الجواب أي: لم يكن له جواب يحتج به على

<<  <  ج: ص:  >  >>