وإنما يعظم على الجهال من المتفلسفة، وأمثالهم وأشباههم، تقدير حدوث العالم وتغيره، لأنهم لم يقدروا الله حق قدره، وكان ينبغي كلما شهدوه من عظم العالم وقدره يدلهم على قدر مبدعه؛ لكن لما ضل من ضل منهم لم يثبت لخالقه ومبدعه وجودًا مطلقًا لا ينطبق إلا على العدم، وإن أثبت له نوعًا من الخصائص الكلية، فهي أيضًا لا تمنع أنه إنما يطابق العدم، ولهذا كان هؤلاء من الدهرية المعطلة نظيرًا للصفاتية الذين لا يثبتون حقيقة الذات المباينة للعالم، فإن حقيقة قولهم يعود إلى قول معطلة الصفات أيضًا.
وإذا كان الأمر كذلك فيقال لمن يلتزم منهم نفي الصانع ويقول: أنا أقول إنه قديم واجب بنفسه، لئلا يلزمني هذا المحذور الذي ذكرتموه في صدوره عن فاعل قديم -كما قد يقوله بعض الصفاتية إذا ضاقت عليهم الحجج في مسألة العرش والقرآن، والرؤية وغيرها نحن نلتزم قول المعتزلة بنفي الصفات مطلقًا- فإنه يقال لهذا الدهري إذا كنت تجوز في عقلك وجود هذه الأفلاك قديمة أزلية واجبة الوجود أو حادثة بذاتها، فإنها إذا لم تكن مفعولة لغيرها، فإما أن تكون قديمة بنفسها أو حادثة بنفسها، فإذا جوزت ذلك بلا زمان ولا مكان، ولا من مادة