للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفة، لأنه لا يعترف بموجود في الغائب ليس بجسم، إلا من أدرك ببرهان أن في المشاهد بهذه الصفة -وهي النفس- ولما كان الوقوف على معرفة هذا المعنى من النفس مما لا يمكن الجمهور، لم يمكن فيهم أن يعقلوا وجود موجود ليس بجسم، فلما حجبوا عن معرفة النفس، علمنا أنهم حجبوا عن معرفة هذا المعنى من الباري سبحانه وتعالى» .

قلت: وقد تبين في هذا الكلام أنه في الباطن يرى رأي الفلاسفة في النفس أنها ليست بجسم، وكذلك في الباري؛ غير أنه يمنع أن يخاطب الجمهور بهذه؛ لأنه ممتنع في عقولهم، فضرب لهم أحسن الأمثال وأقربها، كما ذكره في اسم النور، وهذا قول أئمة الفلاسفة في أمثال هذا، من الإيمان بالله واليوم الآخر، وقد بين بالحجج الواضحة أن ما يذكره المتكلمون في النفي مخالف للشريعة، وهو مصيب في هذا باطنًا وظاهرًا، وقد بين أن ما يذكره المتكلمون في نفي الجسم على الله بحجج ضعيفة، وبين فسادها، وذكر أن ذلك إنما يعلم إذا علم أن النفس ليست جسمًا. ومعلوم أن هذا الذي يشير إليه، هو وأمثاله من المتفلسفة، أضعف مما عابه على المتكلمين: فإن المتكلمين أفسدوا حججهم هذه أعظم مما أفسدوا به حجج المتكلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>