[فبين] أن كون المخلوق إما داخلًا في الخالق، أو خارجًا منه، تقسيم ضروري، لا بد من القول بأحدهما، وكذلك كون الخالق، إمَّا داخلًا في الخلق أو خارجًا منهم، وأنه إذا كان كذلك، فالقول بدخوله في الخلق أو دخول الخلق فيه ممتنع، فتعين أنه خارج من الخلق والخلق خارجون منه، فقول الإمام أحمد:«إذا كان غير مباين أليس هو مماس؟» استفهام إنكار، يتضمن أن العلم بمباينته إذا لم يكن مماسًا علم ضروري، لا يحتاج إلى دليل، بل ينكر على من نفاه، ولهذا لما نفى الجهمي قال: قلنا فكيف؟ فقال: بلا كيف. قال: فخدع الجهال بهذه الكلمة وموه عليهم، وذلك لأن الصفات السمعية المعلومة بإخبار الرسل عليهم السلام، يقال فيها: بلا كيف، لأنا نحن لم نعلم بعقولنا كيفيتها، لعدم علمنا بذلك.
وكذلك ما علمنا بعقولنا أصله دون كيفيته، حسن أن نقول فيه، بلا كيف «أي: نعلم ثبوت هذا الأمر، ولا نعلم كيفيته، فأراد الجهمي أن يستعمل ذلك فيما علمنا انتفاءه بفطرة عقولنا،