يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ {١٤٢}[آل عمران ١٤٢] ومعنى آية الشورى أنه سبحانه إن شاء أسكن فيظللن رواكد على ظهره وإن شاء أوبقهن بما كسبوا ويعفو عن كثير ويعلم الذين يجادلون في آياتنا وهذا كله في جواب إِن يَشَأْ أي وإن يشأ يهلكهن بذنوبهم ويعفُ أيضاً عن كثير منها ويجتمع مع ذلك علم المجادلين في آياتنا بأنهم ما لهم من محيص فهو إن شاء جمع بين أن يهلك بعضاً ويعفو عن بعض وبين علم المجادلين في آياته حينئذ أنه ما لهم من محيص الوجه العاشر قوله وأيضاً أنه تعالى جعل العرش قبلة لدعائنا كما جعل الكعبة قبلة لصلاتنا يقال له هذا باطل معلوم بالاضطرار بطلانه عقلاً وديناً وذلك يظهر بوجوه أحدها أن المسلمين مجمعون على أن القبلة التي يشرع للداعي استقبالها حين الدعاء هي القبلة التي شرع استقبالها حين ذكر الله كما تستقبل بعرفة والمزدلفة وعلى الصفا والمروة وكما يستحب لكل ذاكر لله وداع أن يستقبل القبلة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقصد أن يستقبل القبلة حين الدعاء وكذلك هي التي يشرع استقبالها بتوجيه الميت إليها وتوجيه النسائك والذبائح إليها وهي التي ينهى عن استقبالها بالبول والغائط فليس للمسلمين بل ولا لغيرهم قبلتان أصلاً في العبادات التي هي من جنسين