وقدم ذلك عليه فهم من جنس اليهود والنصارى ومكذبو الرسل الذين يقدمون آراءهم على ما أنزل الله أسوأ حالاً وأضعف عقلاً وإيماناً وأشد كفراً من أهل الكتاب الذين يوجبون كتاباً آخر غير القرآن عليهم فإن هؤلاء من جنس من يحتج بنص منسوخ أو ضعيف الدلالة ولكن يظن أنه من قول الرسول عليه الصلاة والسلام أو يعارض قوله بما يظن أنه معارض له من قوله وهذا مازال في الناس بخلاف من يعارض قوله بما يعلم أنه ليس من قوله وإنما هو قول غيره فهذا لم يؤمن بالرسول ولا بما جاء به ولهذا لم يُعرف عن أحد من السلف أنه عارض آية أو حديثاً إلا بما يظن أنه معنى آية أو حديث آخر سواء كان مصيباً في المعارضة أو مخطئاً فالمصيب الذي يعارض المنسوخ بالناسخ كما كان الصحابة ومن بعدهم من العلماء يقولون في قوله تعالى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة ١٨٤] دل على أن المقيم المطيق يخيّر بين الصيام والافتداء وهو منسوخ بقوله تعالى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ