والثالث: أن ذلك يرجع فيه إلى الإجماع من الخاصة والعامة» .
قلت: فقد ذكر «أبو محمد بن كلاب» أنه لم يخالف الجماعة في ذلك إلا نفر قليل، يَدعون أنهم أفضل الناس «جهم» وعدد قليل معه، وذكر أن العلم بأن الله فوق فطري، مغروز في فطر العباد، اتفق عليه عامتهم وخاصتهم.
قال «أبو بكر بن فورك» عقب هذا: «واعلم أن هذا ليس بمخالف لما قال في كتاب التوحيد، لأنه ليس يقول: إنه في السماء إلا اتباعًا للفظ الكتاب، في قوله عز وجل:{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ}[الملك: ١٦] على معنى أنه فوقها، وردَّ ذلك إلى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) } [طه: ٥] فمن توهم عليه أنه يقول: إن الله في مكان دون مكان، أو في كل مكان فقد أخطأ في توهمه» .
فقلت: أما قول «ابن فورك» إنه إنما قال ذلك، اتباعًا للسمع الوارد من لفظ الكتاب، فليس كذلك، لأنه قرر أولًا ذلك