محال، فمهما كان جوابكم عن ذلك، في هذا أمكن أن تجيبوا أنفسكم به، إذا كان القديم الواجب الوجود هو صانع الفلك، مع كون المحذور حينئذ أقل عندكم، فلو عدلتم عن القول الأخف إلى القول الأقبح -ولله المثل الأعلى- فنزهتموه إذا كان موجودًا قديمًا صانعًا، عن أن يستكمل بفعله، أو يكون عابثًا فيه، فجعلتموه معدومًا؟! وأي موجود فرض، كان خيرًا من المعدوم، فعدلتم عن أن تصفوه بنوع نقص، فوصفتموه بما يجمع كل نقص، ثم وصفتم غيره بصفات الكمال، التي هي وجوب الوجود والقدم، مع وصفكم له بتلك النقائص فاجتماع هذه النقائص مع هذه الكمالات لازم لكم، ولم تستفيدوا إلا كمال التعطيل والجحود بلا حجة أصلًا.
وقد ظهر فساد حجتهم وتناقضهم فيها من وجوه:
أحدها: أن الذي نفوه به، يلزمهم مثله، فيما أثبتوه من موجود قديم واجب، وهو الفلك المشهود.
الثاني: أنهم قصدوا تنزيهه عن تجدد كمال له بفعله، أو عن عبث، فجعلوه أعظم نقصًا من المستكمل العابث، ومن المعلوم أنه إذا قدر فاعل يستكمل بفعله، كان خيرًا من المعدوم، فإن الفلك أو غير الفلك إذا قدر ذلك فيه لم يشك عاقل أنه خير من المعدوم، فكان نفيهم له، الذي فروا إليه شرًّا من نفي بعض الأمور، التي ظنوها كمالًا. فتدبر هذا أيضًا. وكذلك إذا قدر موجود كامل، يفعل فعلًا لغير غرض له، وقيل: إنه عابث، فهو أكمل من العدم، الذي ليس بشيء أصلًا، فإن الفاعل لغير