الثاني: أن يقال: لا ريب أن الله عند أهل الملل، كريم، جواد، ماجد محسن، عظيم المن، قديم المعروف، وأن له الأسماء الحسنى، التي يثنى عليه فيها بإحسانه إلى خلقه، لكن وإن كانت هذه الحجة مبنية على تسليمهم ذلك، فليست حجة عقلية، بل جدلية، وهذا ليس بفلسفة.
الثالث: أن يقال: هم سموه بهذه الأسماء الحسنى، سموه بها بالمعنى الذي يفسرونه به، بالذي لا ينافي إرادته ورحمته؛ بل عندهم نفس الرحمة، التي نفيتها أنت لنفيك الإرادة، أو إرادة الإحسان إلى عباده، هي عندهم تدل على الإحسان والجود بلا نزاع بينهم؛ لكن طائفة من نفاة الصفات يجعلون الرحمة هي نفس الإحسان، وإن وافقهم على ذلك بعض الصفاتية، حتى بعض أصحاب أحمد رحمه الله. وطائفة كبيرة من الصفاتية يقولون: الرحمة تعود إلى إرادة الإحسان، وهذا قد يقوله بعض أصحاب أحمد، والذي عليه أئمة الصفاتية وجمهورهم، أن الرحمة صفة لله ليست هي الإرادة، كما أن السمع والبصر ليس نفس العلم.