«فصل عجيب يخفى على كثير من الأصوليين، وذلك أنه كما لا يجوز الإغراق في الإثبات مجاوزة لما أثبته الشرع ودل عليه، كذلك لا يجوز الإغراق في النفي، ولا الإقدام على نفي شيء عن الله إلا بدليل؛ لأن النفي أيضًا، لا يؤمن معه إزالة ما وجب له سبحانه. فالنفي يحتاج إلى دليل، كما أن الإثبات يحتاج إلى دليل، فكما أن إثبات ما لا يجب له كفر، فنفي ما يجوز عليه خطأ وفسق، ومثال ذلك أن يغرق هؤلاء الخطباء والقصاص، في نفي النقائص عنه، ثم يدرجون فيها نفي ما وردت به السنن، ويقولون ليس بفوق، ولا تحت، ولا يدرك، ولا يعلم، ولا يعرف، ولا، ولا. فربما ساقوا في نفيهم نفي صفة وردت بها السنة» .
قلت: وهذا هو الصواب عند السلف والأئمة وجماهير المسلمين، أنه لا يجوز النفي إلا بدليل كالإثبات، فكيف ينفي بلا دليل، ما دل عليه دليل؛ إما قَطعي، وإما ظاهري؟! بل كيف يقال: ما لم يقم دليل قطعي على ثبوته من الصفات، يجب نفيه، أو يجب القطع بنفيه، ثم يقال في القطعي: إنه ليس بقطعي؟