لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. ولهذا سأل بعضهم زر بن حبيش عن حديث ابن مسعود في صفة جبريل، وأن له ستمائة جناح فلم يحدثه به خوفًا أن لا يحتمله عقله فيكذب به. فهذا وأمثاله كثير موجود في بني آدم تضعف قوى إدراكهم عن إدراك الشيء العظيم الجليل؛ لا كون الوهم والخيال لا يقبل جنس ذلك، ولكن لأجل ما فيه من العظمة التي لم يعتد تصور مثلها.
ومن هذا الباب عجز الخلق عن رؤية الرب في الدنيا لا لامتناع رؤيته، [بل] لعجزهم في هذه الحياة. فأما أن يكون بنو آدم ينكرون بوهمهم وخيالهم في جسم مخلوق أن يكون مخالفًا لغيره، وأنه يمتنع تماثلهما فليس الأمر كذلك. فكيف ينكرون بوهمهم وخيالهم أن يكون الخالق غير مماثل للمخلوق؟ مع كون الوهم والخيال لا يتصور موجودًا إلا جسمًا أو قائمًا بجسم.
الوجه الخامس والأربعون: أن الأجسام بينها قدر مشترك