الباطن إلى الظاهر، كما ينتقل حكم الحس بالظاهر إلى الباطن، وإذا قدر وجود النفس بغير بدن، فهو يحس بما يجده من لذة وألم، وذلك أمر محسوس لها، وبجنس أسباب ذلك، لا يكون لها معقولًا مجردًا كليًّا، فإن ذاك إنما ثبوته في مجرد العلم والاعتقاد، ولا بد له من أفراد موجودة في الخارج وإلا لم يكن حقًّا. ومن المعلوم أن هذا الظن، أن النفس تلذذ بهذه الأمور، دون إدراك الحقائق الخارجية من أفسد الظن، وهو كقول من يقول: إن النفس تتلذذ بتمثل المحسوس، والمشتهى دون المباشرة لحقيقته الخارجة، فقولهم: يمثل المعقول في صورة المحسوس، كلام لا حقيقة له، لكن لو قال: يمثل الغائب، في صورة الشاهد، ويمثل الغيب في صورة الشهادة، كان هذا حقًّا؛ فإن الإنسان إنما يعلم ما يشهده ويحس به، بالقياس، والتمثيل لما شاهده، لكن هذا لا يقتضي أن تكون الأمور الغائبة المتمثلة، ليس في أنفسها مما يحس، بل يعقل عقلًا مجردًا، فإن هذا لا يقوله من يفهم ما يقوله.
الوجه الخامس والثلاثون: أن يقال: إن الصحابة والتابعين وسائر سلف الأمة وأئمتها، وأئمة أهل الحديث والفقهاء، والصوفية والمتكلمة الصفاتية من الكلابية والكرامية والأشعرية،