ويكفي المرءَ المؤمن أن يعلم أن هؤلاء يجعلون القرآن بهذه الصفة فهل هذا إلا من جنس قول الذين جعلوا القرآن عضين فعضوه بالباطل وقالوا هو شعر أو سحر أو مفترى بل هذا أقبح من ذلك فإن أولئك اتفقوا على عظمة الكلام وارتفاع قدره لفظاً ومعنى ولم يدَّعوا أن ظاهره وصف الخالق بما لا توصف به القردة والخنازير ولو كان هذا ظاهر القرآن لكان هذا من أقوى الوجوه للذين جعلوا القرآن عضين نبين أن هذا ليس هو ظاهر القرآن من وجوه أحدها أن الله تعالى إنما قال تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر ١٤] وقال أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا [يس ٧١] فدعوى المدعي أن ظاهره أعينٌ كثيرة وأيدٍ كثيرة فِريةٌ ظاهرة إذ لفظ الجمع لا يدل بمطلقه على الكثرة أصلاً الثاني دعواه أن ظاهر القرآن أن لله جنباً واحداً عليه أيدٍ كثيرة باطلٌ أيضاً فأين في القرآن أن الأيدي في الجنب غايته