للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجود بالكلية علم أنه باطل.

وهذا المقصود هنا، وهو أن كل ما يحتج به في إثبات قدم العالم، بل وفي نفي الصفات، يلزم صاحبه أعظم مما فر منه، حتى يؤول به الأمر إلى أن ينكر الوجود بالكلية، أو يعترف ببطلان قوله، وببطلان كل ما يدل على قوله، وهذا موجود في عامة الدين، مما أمر الله به من اعتقاد أو قول أو قصد وعمل، ومن ترك شيئًا من ذلك إلى غيره خوفًا مما ترك، كان في الذي فر إليه أعظم من ذلك المخوف، وإن كان رغبة فيما فر إليه، كان ما فاته أعظم مما حصل له، بل يعاقبون بأعظم من ذلك، وقد قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣) } [الفرقان: ٣٣] فأخبر أن المشركين لا يأتون بقياس -وأقيستهم من الباطل- إلا أتى الله بما هو الحق، بكلام وقياس أحسن تفسيرًا، بحيث يكون بيانه ودلالته للمطلوب أبين وأوضح وأجلى، وأقرب إلى الأمور البديهية الجلية، فهذا في جانب الحق.

وأما في عقوبة المبطل، فإن المبطلين رئيسهم من الجن إبليس، وأعظم رؤسائهم في الإنس فرعون، وإبليس ترك طاعة الله تعالى وعبادته، في السجود لآدم حذرًا من نقص مرتبته بفضل آدم عليه السلام، فأداه ذلك إلى أن رضي بأن صار بأخس المراتب، وباع آخرته بدنيا غيره، كأخس القوادين، فإنه يهلك

<<  <  ج: ص:  >  >>