فهمها، وهذا لأن كون الشيء القائم بنفسه، غير مماس لغيره، ولا مباين له، لما كان ممتنعًا في بديهية العقل -وادعى الجهمي إمكان ذلك في حق الله تعالى- لزمه أن يجوز كل الممتنعات التي تناظره.
وكذا ذكر الإمام أحمد في أثناء ردّه على الجهمية لما تكلم على معنى «مع» في القرآن، قال: «فلما ظهرت الحجة على الجهمي بما ادعى على الله عز وجل، أنه مع خلقه في كل شيء، قال: هو غير مماس للشيء ولا مباين منه. فقلنا للجهمي: إذا كان غير مباين أليس هو مماس؟ قال: لا. فقلنا: فكيف يكون في كل شيء غير مماس للشيء؟ فلم يحسن الجواب. فقال: بلا كيف، فخدع الجهال بهذه الكلمة وموه عليهم، فقلنا له: إذا كان يوم القيامة أليس إنما هو الجنة والنار، والعرش والكرسي والهواء؟ قال: بلى. قلنا: وأين يكون ربنا؟ قال: يكون في كل شيء، كما كان، حيث كان في الدنيا في كل شيء. فقلنا: فإن في مذهبكم أن ما كان من الله على العرش فهو على العرش، وما كان من الله في الجنة فهو في الجنة، وما كان من الله في النار فهو في النار، وما كان من الله في الهواء فهو في الهواء، فعند ذلك تبين للناس كذبهم على الله