قال أبو المعالي: «باب نفي المثل والتشبيه عن الله من صفات نفس القديم -تعالى- مخالفته للحوادث، فالرب سبحانه وتعالى لا يشبه شيئًا من الحوادث ولا يشبهه شيء منها، والكلام في هذا الباب من أعظم أركان الدين، فقد غلت طائفة في النفي فعطلت، وغلت طائفة بالإثبات فشبهت وألحدت. فأما الغلاة في النفي فقالوا: الإشراك في صفة من صفات الإثبات يوجب الاشتباه، وقالوا على هذا: القديم -سبحانه- لا يوصف بالوجود: بل يقال ليس بمعدوم، فكذلك لا يوصف بأنه حي عالم، بل يقال: ليس بعاجز ولا جاهل، ولا ميت، وهذا مذهب الفلاسفة والباطنية، وأما الغلاة في الإثبات فاعتقدوا ما يلزمهم القول، بمماثلة القديم سبحانه الحوادث، فإنهم أثبتوا له الصورة والجوارح والاختصاص بالجهات والتركيب، والأقدار، والنهايات، ومن غلاتهم من يثبت للقديم -تعالى عن قولهم-، اللحم والدم والهيئة، ويقولون بقدم الأرواح، وصاروا إلى أنها من ذات القديم -سبحانه-، وأنها تحل الأشخاص.
فإن قال قائل: ما معنى التشبيه؟ قلنا: قد يطلق التشبيه، والمراد منه اعتقاد المشابهة، ويطلق والمراد منه الإخبار عن تشابه المتشابهين، ويطلق والمراد به إثبات فعل على مثال فعل.