العرش، وأن ثبوت العلو على العرش، يستلزم ثبوت الجسم. فإذًا تكون كل واحدة من هاتين المقدمتين الفطريتين دليلًا على كل واحد من هذين المطلوبين وكل من المطلوبين دليلًا على الآخر، فصار على كل واحد من هذين المطلوبين أربع حجج، وهي مبنية على مقدمات فطرية، فقد بين هذا أن ما ذكرتموه معارضة للنفاة لتبطلوا به حجتهم، وهو من أعظم الحجج على صحة قولهم.
وكذلك أيضًا يقول الفيلسوف في:
الوجه الحادي عشر: وهو أن يقول: هذا الذي عارضتموني به في مسألة الزمان، أكثر ما يوجب عَليَّ أن أقول بالجهة، والقول بالجهة هو قول أئمة الفلاسفة، كما ذكرناه فيما مضى، عن القاضي أبي الوليد بن رشد الفيلسوف، الذي هو من أتبع الناس لأقوال أرسطو وذويه، وأنه قال:«القول في الجهة، وأما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه وتعالى حتى نفتها المعتزلة، ثم تبعهم على نفيها متأخرو الأشعرية، كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله» قال: «وظواهر الشرع كلها تقتضي إثبات الجهة مثل قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) } [طه: ٥] ومثل قوله: {وَسِعَ