في الألفاظ الاصطلاحية: فقال قوم: العلم والقدرة ونحوهما لاتكون إلا عرضًا، وصفة حيث كان، فعلم الله وقدرته عرض. وقالوا أيضًا: إن اليد والوجه لا تكون إلا جسمًا، فيد الله ووجهه كذلك؛ والموصوف بهذه الصفات لا يكون إلا جسمًا، فالله تعالى جسم لا كالأجسام. قالوا: وهذا مما لا يمكن النزاع فيه، إذا فهم المعنى المراد بذلك، لكن أي محذور في ذلك، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها، أنه ليس بجسم، وأن صفاته ليست أجسامًا وأعراضًا؟ فنفي المعاني الثابتة بالشرع والعقل؛ بنفي ألفاظ لم ينف معناها شرع ولا عقل، جهل وضلال.
قالوا: وكذلك فالعقل ينفي ذلك بما دل على حدوث الجسم والعرض القائم به، قالوا: لأنه لم يدل العقل على حدوث كل موصوف قائم بنفسه وهو الجسم، وكل صفة قائمة به وهو العرض. والدليل المذكور على ذلك دليل فاسد، وهو أصل «علم الكلام» الذي اتفق السلف والأئمة على ذمه وبطلانه -وسيأتي الكلام على هذا الدليل في موضعه- قالوا: فلا معنى لإنكار ما هو الحق الثابت بالشرع والعقل، لاستلزام ذلك بطلان حجة مبتدعة أنكرها السلف والأئمة، لأجل دعوى من ادعى من أهلها أنها أصل الدين، الذي لا يعلم الدين إلا به، فإنما هو أصل الدين الذي ابتدعوه، كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ